في خطوة مثيرة للجدل، أصدرت رابطة علماء المغرب بيانًا رسميًا يُعبّر عن رفضها القوي للتعديلات الأخيرة التي طرأت على مدونة الأسرة في المملكة. البيان اعتبر أن هذه التعديلات تتناقض مع الشريعة الإسلامية من حيث الشكل والمضمون، وهو ما دفع الرابطة إلى الدعوة إلى إلغاء هذه التعديلات فورًا.
التعديلات المثيرة للجدل
تمت المصادقة على التعديلات في مدونة الأسرة التي تم إقرارها من قبل الحكومة المغربية في إطار تحديث التشريعات الأسرية، لكن هذه التعديلات لم تحظ بتأييد واسع داخل الأوساط الدينية الإسلامية. على العكس، فقد تم التشكيك في ملاءمتها مع المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية.
رابطة علماء المغرب أشارت إلى أن بعض هذه التعديلات تتنافى مع القواعد الثابتة في الشريعة، حيث تمثل خروجًا واضحًا عن الفقه المالكي، الذي يُعتبر مرجعية أساسية في المغرب. وقد تم تسليط الضوء على عدة مسائل مثيرة للجدل، والتي برزت بشكل خاص في مجالات الطلاق، الميراث، والحقوق الأسرية.
أبرز النقاط في البيان
1. إلغاء شرط الشهادة في عقد الزواج: من أبرز ما تضمنته التعديلات هو إلغاء شرط الشهادة في عقد الزواج، وهو ما يُعتبر من أركان عقد الزواج في الشريعة الإسلامية. الشريعة تشترط أن يتم عقد الزواج بشهادة شهود، وفي حال غياب هذه الشهادة يصبح الزواج غير شرعي في العديد من الحالات.
2. حق المرأة في حضانة الأطفال: من التعديلات الأخرى التي أثارت جدلاً هي إعطاء الأم الحضانة القانونية للأطفال بعد الطلاق. وهذا المطلب يتناقض مع بعض التفسيرات الشرعية التي تعطي للوالد حق الحضانة في حالات معينة. ويُعتبر هذا التعديل تهميشًا لحق الأب.
3. تقسيم الممتلكات في حالة الطلاق: يشير البيان إلى التعديلات التي تفرض تقاسم ممتلكات الزوجين في حالة الطلاق، وهو ما يُعتبر مخالفًا للشريعة الإسلامية التي تُحدد بوضوح حقوق الرجل والمرأة في هذا السياق. التقليد الإسلامي يقضي بوجود حقوق متباينة فيما يتعلق بالميراث والممتلكات في حالة الطلاق.
4. تغيير حقوق الورثة: تم تعديل بعض القوانين الخاصة بالميراث، والتي تؤثر في كيفية توزيع الأموال بعد وفاة أحد الزوجين. ومن وجهة نظر الرابطة، تعد هذه التعديلات خروجًا عن التوجيهات الواضحة في الشريعة الإسلامية حول كيفية توزيع الميراث بين أفراد الأسرة.
تأثيرات التعديلات
رابطة علماء المغرب حذرت من أن هذه التعديلات قد تؤدي إلى زيادة النزاعات الأسرية، سواء بين الأزواج أو في قضايا الميراث، مشيرة إلى أن إلغاء العديد من الحقوق الإسلامية قد يزيد من تعقيد الأمور. وأوضحت الرابطة أن هذه التعديلات، التي قوبلت بضغط دولي، قد تؤثر سلبًا على استقرار الأسر المغربية.
البيان شدد على أن المغاربة يجب أن يتمكنوا من التعايش ضمن قوانين مستمدة من الفقه المالكي، الذي يمثل المرجعية الدينية والدستورية في المملكة. وأكد البيان أن المغرب يجب أن يضمن الحق للمواطنين في التحاكم وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، بدلًا من فرض القوانين العلمانية.
الردود على التعديلات
على الرغم من الاعتراضات القوية من قبل الرابطة وبعض الجهات الدينية، لا يزال هناك من يدافع عن هذه التعديلات، معتبرًا أن تحديث المدونة خطوة نحو تحقيق المساواة بين الجنسين وحماية حقوق المرأة في إطار مجتمع متطور. ولكن، ومع هذه المعارضة، من المتوقع أن يستمر الحوار بين السلطات المغربية والجهات الدينية لبلورة الحلول التي تُرضي جميع الأطراف.
دعوة إلى إلغاء التعديلات
في الختام، دعت رابطة علماء المغرب السلطات إلى مراجعة هذه التعديلات وإلغائها نظرًا لمخالفتها للشريعة الإسلامية من جهة، ولتعزيز استقرار الأسرة المغربية من جهة أخرى. وعبّرت الرابطة عن استعدادها للمشاركة في أي نقاش أو حوار يهدف إلى إيجاد قوانين أكثر توافقًا مع القيم الإسلامية.
تستمر هذه القضية في إثارة الجدل في أوساط المجتمع المغربي، حيث يظل النقاش مفتوحًا حول كيفية موازنة التحديث القانوني مع الحفاظ على القيم الدينية في إطار المجتمع الحديث.
إرسال تعليق