شهد عالم محركات البحث في الآونة الأخيرة ثورة حقيقية بدأت مع ظهور "شات جي بي تي" من "أوبن إيه آي"، وهو الذكاء الاصطناعي الذي أحدث طفرة في طريقة البحث عبر الإنترنت. على الرغم من هيمنة محرك البحث "غوغل" على السوق لعقود طويلة، حيث يحتفظ بحصة ضخمة تبلغ 91.62%، فإن المنافسة بدأت الآن تشتد مع ظهور أدوات بحث ذكية وتفاعلية، ليضع ذلك تحديات جديدة أمام الشركات الكبرى في هذا المجال.
بداية التغيير: "شات جي بي تي" وتطوير البحث التفاعلي
في أكتوبر 2024، أعلنت "أوبن إيه آي" عن ميزة جديدة داخل "شات جي بي تي" التي تتيح للمستخدمين إجراء بحث عبر الإنترنت بطريقة مبتكرة. بدلاً من الاعتماد على قاعدة بيانات تدريبية ثابتة، كما هو الحال مع محركات البحث التقليدية مثل "غوغل"، أصبح "شات جي بي تي" قادرًا على تصفح الإنترنت بشكل مباشر للعثور على معلومات حية وملائمة، ويعرضها للمستخدم في شكل محادثة، مما يجعله أكثر تفاعلية وسهولة في الاستخدام.
هذه الميزة، التي تم إطلاقها للمستخدمين الذين يدفعون اشتراكًا شهريًا في "شات جي بي تي بلاس"، ستمكن الجميع من الحصول على إجابات مباشرة من الويب، مع الروابط المرفقة للمصادر، مما يتيح لهم التعمق في المعلومات بشكل أكثر سلاسة. مما يعني أن البحث التقليدي عبر "غوغل" أصبح الآن يواجه منافسًا قويًا يتسم بالسرعة والكفاءة في تقديم الإجابات.
لماذا قد تتفوق "شات جي بي تي" على "غوغل"؟
واحدة من أبرز المزايا التي يقدمها "شات جي بي تي" هي قدرته على تقديم الإجابات بطريقة محادثة طبيعية وودية. على عكس "غوغل"، الذي غالبًا ما يعرض مجموعة من الروابط والمصادر التي يجب على المستخدم تفحصها بشكل يدوي، يقدم "شات جي بي تي" نتائج ملموسة ومترابطة تجعل عملية البحث أكثر سهولة ووضوحًا.
علاوة على ذلك، فإن "شات جي بي تي" يقلل من الحاجة لتصفّح الروابط المزدحمة بالإعلانات أو المحتوى غير المفيد، حيث يتم انتقاء المحتوى بعناية ليعرض لك أفضل النتائج وأكثرها ملاءمة. هذه التجربة الغنية التي تقدمها "أوبن إيه آي" هي التي قد تجعل العديد من المستخدمين يتجهون نحو "شات جي بي تي" بدلاً من محركات البحث التقليدية.
البحث عبر الإنترنت في عصر الذكاء الاصطناعي
مع دخول الذكاء الاصطناعي بقوة في مجالات متعددة، لم يعد البحث عبر الإنترنت مقتصرًا على محرك واحد فقط. تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" أو "بربليكسيتي" (Perplexity) تقدم للمستخدمين تجربة بحث قائمة على استيعاب أكبر للمحتوى، ويجعلون عملية الوصول إلى المعلومات أكثر فعالية وسرعة. وبذلك، تصبح هذه الأدوات منافسًا حقيقيًا للأدوات التقليدية التي تعتمد فقط على قاعدة بيانات ثابتة.
من جهة أخرى، يتفق العديد من الخبراء على أن "غوغل" سيكون مضطرا لتحديث أسلوبه في تقديم نتائج البحث. حيث بدأ بالفعل في دمج الذكاء الاصطناعي في محرك البحث الخاص به، وفي تقديم المزيد من الأدوات التفاعلية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا يزال أمام "غوغل" تحدي كبير في محاكاة تجربة البحث التي يقدمها "شات جي بي تي"، وهي التي تمكنت من توفير تجربة بحث مميزة قائمة على الذكاء الاصطناعي.
هل سيتفوق "شات جي بي تي" على "غوغل"؟
على الرغم من التحسينات التي شهدها "غوغل" مؤخرًا بإضافة ميزات الذكاء الاصطناعي، فإن العديد من الخبراء يعتبرون أن "شات جي بي تي" قد يكون في طريقه لإحداث تغيير كبير في كيفية بحثنا عن المعلومات على الإنترنت. ولكن يبقى السؤال: هل يمكن لهذا التطور أن يقضي على هيمنة "غوغل"؟
بحسب "كونر غرينن"، كبير مهندسي الذكاء الاصطناعي في جامعة نيويورك، فإن "شات جي بي تي" قد لا يتمكن من القضاء على "غوغل" بمفرده. ولكن، مع التحسينات المستمرة، قد تشهد محركات البحث التقليدية تحولًا في طريقة عرض المعلومات، وبالتالي ستظل "غوغل" في المنافسة عبر تطوير تقنيات البحث الخاصة بها.
على الرغم من التحديات الحالية، من الواضح أن المنافسة على سوق محركات البحث ستكون أكثر اشتعالًا في السنوات القادمة، حيث أن الذكاء الاصطناعي سيكون له دور كبير في تغيير قواعد اللعبة.
كيف يتفاعل "غوغل" مع هذا التحدي؟
منذ ظهور "شات جي بي تي"، بدأت "غوغل" بتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها من خلال إضافة العديد من الميزات التي تدمج الذكاء الاصطناعي في محرك البحث التقليدي. بينما كانت الإعلانات جزءًا رئيسيًا من نموذج الأعمال الذي يعتمد عليه "غوغل"، فإن إضافة الذكاء الاصطناعي إلى البحث قد يجعل هذا النموذج أكثر مرونة ويتيح له التفاعل بشكل أكبر مع المستخدمين.
ومع ذلك، ستظل المنافسة مع أدوات البحث الجديدة مثل "شات جي بي تي" وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأخرى تحديًا مستمرًا، خاصةً في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها مجال التكنولوجيا.
إرسال تعليق